الملل…
لابد أنه الملل…
هذا ما يدفعنا إلى ارتكاب كل تلك الحماقات التي نقوم بها يوميا…
لا تقنعوني أنه يوجد تفسير آخر.
إلا لو اعتبرتنا "نحن البشرية" نوع من الحيوانات الثدية التي لا تفكر وتشعر أنه من البديهي التصرّف بهذه الطريقة الحمقاء.
متأكدة أنكم لا تعلمون عن ماذا أتحدّث…
أو على أقل تقدير تشعرون أنني بالغت… ههههه كالعادة يعني لا جديد…
يا الله لماذا يستمر البشر بالتفكير بنفس الطريقة؟!
دعوني أقودكم في رحلة داخل عقلي علّكم تستوعبون ما أشعر به من غباء منقطع النظير و أعدكم لن تكون هناك أي محاولة أو دعوة للتحزب أو حتى للاقناع… أنا مقتنعة بإرادتكم الحرّة لاستيعاب الكثير من الأشياء، بالطبع!
اليوم هو السبت وفي البلاد التي اخترت بكامل قواي العقلية أن أعيش بها هو يوم من أيام إجازة نهاية الأسبوع…
أقول بكامل قواي العقلية لأنني قمت في الفترة الأخيرة بالكثير من القرارات التي تجعلني أشك باستحقاقي و أهليتي لهذا اللقب.
ما علينا…
استيقظت صباحا وأنا أشعر بالقليل من الكسل الناتج عن البرد المحاطة به من جميع الجهات والأطراف… أمضيت بداية يومي النشيط في السرير أحاول أن أصارع كسلي و أشحذ همّتي للقيام من هذا الفخ…
كل علماء الإنتاجية و هذا الهراء يسعون غالبا لتدمير طقوس هذه اللحظات السعيدة لي… حسنا، أقول لكم هنا و من منبري هذا: تبا لكم جميعا… أنا أستمتع بشعوري بالكسل… ومنطقيا… سأقوم يعني لن أمضي حياتي هنا… مع أنني أتمنى ذلك.
طوّرت عبر الأيام روتينا يشبه روتين ٩٨٪ من البشر الذين يحاولون أن يقولوا بصوت عال أنهم على قيد الحياة كل يوم…
لماذا تحديدا ٩٨٪؟ لأنه يبدو رقما منطقيا لن يبحث أحد فيه ورائي ليعرف هل هو من دراسة فعلية أم تأليفي…
هل تعلم كم عدد صور أكواب القهوة التي تنشر يوميا على السوشال ميديا؟! أنا لا أعلم، لكن أفترض أنه عدد مهول.
كل هذا لنقول: أيها الشعب التعيس… إننا على قيد الحياة، نفكّر ولا نستطيع أن نفكّر قبل أن نحتسي القهوة لأننا متذوقون رفيعو الطراز نعرف ما هو الصحيح دوما في هذه الحياة.
حسنا… يا كويكب العارفون.. خذوا هذه في الصميم… أنا أستمتع بطعم النسكافيه مع المبيض… فلتذهب القهوة المقطرة الخاصة بكم إلى الجحيم…
غسلت وجهي و أنا أشهق من برودة الماء… لا لست غبية لاستخدم المياه الباردة، ولكن بعد مشاهدتي لعشرة فيديوهات على الإنستجرام، اقتنعت بشكل عبثي، بأن الماء البارد سيساعدني في الحفاظ على بشرتي من التجاعد أكثر من الماء الساخن... وها أنا، أدفع ثمن قناعاتي الجديدة.
لم أهتم إطلاقا بمسح بقايا المسكرة، و هذه ميزة من مميزات العيش وحيدة التي لا يسعني ذكرها كلها هنا… تستطيع أن تخوض أحاديثا غاية في الجدية و المصيرية مع أصدقاءك على الفيس تايم وأنت تظهر بمظهر مهّرج انتهى للتو من مناوبته لكنه قرر أن يبقى على مكياجه السائح و الذي أصبح ملائما أكثر لعيد الهالوين.
بدأت ”أحتسي“ قهوتي الساخنة و أنا أحاول أن لا أفكّر بأي شيء… لكن يبدو أن هذه من الأمور التي تحدث فقط في الفانتزايا طبعا.
حتى لو كنت تعيش لوحدك في منزل صغير لا يوجد به إلا أنت ف لن تستطيع إلا التفكير…
الواحد يستخدم ميزاته كبني آدم برضه.
بدأت أول أفكاري اليوم في الهجوم على عقلي...
يا ترى كيف يمكنني أن أضيف القليل من المرح على حياتي؟
هل ألبس تنكر دجاجة و أنطلق في الشوارع؟
هل أقوم بعمل مقلب ما في مكان ما؟
هل أعتزل البشر اليوم من باب تغيير الجو؟
أحتاج أن أقوم بشيء يضيف المعنى لحياتي... أنا أشعر أنني تائهة، أنام كل يوم و أستيقظ، أفعل الكثير من المهام التي لا تعني لي أي شيء ثم أذهب للنوم مجددا كأنك يا أبو زيد ما غزيت.
في داخلي، دائما هذه اللعبة السخيفة، لعبة البحث عن معنى، والتي يؤسفني أن أخبركم أنه تم تخريبها تماما من جيل زد لأنها أصبحت لعبة لا تنتهي على عكس ألعابنا الممتعة في وقتنا و التي كنت تستطيع "تختيمها" والمفاخرة بقدراتك العظيمة على ذلك. أنا ختمت "بيبسي مان" "سونيك" "كراش ١ +٢" و أنقذت الأميرة في "ماريو".
كنت أفكر لا شعوريا بأن هذه اللعبة هي أكبر فخ قد يسقط به الشخص، لأنك كلما بحثت أكثر، كلما غرقت أكثر، و كلما أدى ذلك لاكتشاف أنه لا معنى فعلا للحياة و أنه المعنى "ياعزيزي" يعتمد عليك أنت لصنعه.
هذا اكتشافي المتواضع يعني يمكن إنت يطلع معك شي أخر.
و من هنا بدأت حربي اليومية مع نفسي، كيف أضيف هذا المعنى؟ و ماهو أصلا المقصود بالمعنى؟ و كيف عرفت أن حياتي ينقصها فعلا المعنى؟ يعني كيف أدركت ذلك؟
عليك أن تعلم أيضا أنه بمجرد أن يصبح لديك شوية فراغ، ستبدأ حتما بمراجعة كل الخيارات التي اتخذتها في حياتك، كل كلمة قلتها، كل نظرة رميتها دون قصد… كل هذه الأمور ستتراكب فوق رأسك الضعيف لتخلق قنبلة قابلة للانفجار في أي لحظة…
و عندما تنفجر… ستترك وراءها الكثير من الأفكار، الحسرة والقليل من الضحك على سخافتك.
ربما لأن هذه الحياة التي نعيشها لا يجب أن نأخذها على محمل الجد أكثر من اللازم.
دع القليل من الوقت.. أو الكثير، أو من ناحيتي كل الوقت لل... العبث بالطبع!
Comments